مفهوم القوة عند حنة آرنت دراسة في تحولات مفهوم القوة في الحداثة وما بعد الحداثة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

قسم العلوم السياسية والإدارة العامة، كلية التجارة، جامعة أسيوط

المستخلص

لمفهوم القوة واقع خاص في النظرية السياسية، وهذا يعود لكون القوة واحدة من الظواهر المحورية في الحياة الاجتماعية للبشر، ولذا فقد حظي مفهوم القوة باهتمام كبير من قبل المفكرين الذين استخدموا مفهوم القوة ووظفوه ضمن منظومتهم الفكرية، وينطبق الحال بالضرورة على حنة آرنت موضوع الدراسة حيث وضع مفهوما للقوة يتسق مع منظومتها الفكرية محاولة منها لفهم الوجود السياسي وكشف طبيعة العلاقات الاجتماعية.
يتأسس مفهوم القوة عند حنة آرنت على محورية مفهوم " البين-ذاتية" الذي يؤكد على مقولة أن الوعي بالآخر أسبق من الوعي بالذات أو أن وعيي بذاتي لا ينفصل عن وعي الآخرين بي، معارضة بذلك مقولة (الذات الديكارتية) المؤسسة لعقل الحداثة الغربي والفلسفة الوضعية وكيف أن المشاريع التي قدمتها الفينومينولوجيا أسست لمثل هذه المفاهيم في سياق نقدها للحداثة والفلسفة الوضعية.
 لتعكس أعمال كل من آرنت تجذر لهذا المفهوم من خلال ما أكدته آرنت على الوجود المشترك والفعل الإنساني الذي لا يبرز إلا في سياق التعدد مع الاخرين واعتبار ذلك الشرط الإنساني أو ما يميز ماهية الانسان ويعتبر شرط تأسيس عالم العيش، ليتضح جليا أن الجدل على المستوى الفلسفي الكبير ليس بمنأى عن النظرية السياسية والمفاهيم التي تقدم لفهم الوجود السياسي.
يأتي في هذا السياق محاولة الباحث قراءة مفهوم القوة الذي جرى تقسيمه إلى طريقتين معروفتين في التقاليد الفلسفية، ألا وهو تعريف القوة أو الكشف عنها باعتبارها علاقات هيمنة أو سيطرة، وثانيها تنظر للقوة باعتبارها ملك للجماعة أو عملية تأسيس علائقية بين الجماعة (saar:2010:7)، واستند هذا التقسيم إلى استعمالات القوة، فإذا كان من أجل السيطرة على الآخرين فهي علاقة اجتماعية، وأما إذا كان ينظر إلى القوة على أنها ملك للجماعة ولا تهدف لإخضاع الآخرين فهي عندئذ تكون خصيصة للفاعل.